الثلاثاء السادس من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

 

 

إنجيل اليوم  (متّى 15 /10ـ20)

 

 

10 دعا يسوع الجمع وقال لهم: "اسمعوا وافهموا:

 

11 ليس ما يدخل الفمّ ينجّس الإنسان، بل ما يخرج من الفمّ هو ما ينجّس الإنسان".

 

12 حينئذ دنا منه التلاميذ وقالوا له: "أتعلم أنّ الفرّيسييّن تشكّكوا حين سمعوا هذا الكلام؟".

 

13 فأجاب وقال: "كلّ غرسة لم يغرسها أبي السّماويّ تقلع.

 

14 دعوهم! إنّهم عميان قادة عميان. وإن كان أعمى يقود أعمى، فكلاهما يسقطان في حفرة".

 

15 فأجاب بطرس وقال له: "فسّر لنا هذا المثل".

 

16 فقال: "وهل أنتم أيضًا إلى الآن لا تفهمون؟ 

 

17 ألا تُدركون أنّ كلّ ما يدخل الفمّ ينزل إلى الجوف، ثمّ يدفع إلى الخلاء؟ 

 

18 أمّا ما يخرج من الفمّ فمن القلب يصدر، وهو ما ينجّس الإنسان.

 

19 فمن القلب تصدر الأفكار الشريرة، والقتل والزنى والفجور والسرقة وشهادة الزّور والتّجديف.

 

20 تلك هي الأمور الّتي تنجّس الإنسان. أمّا الأكل بأيد غير مغسولة فلا ينجّس الإنسان".

 

 

 

أولًا قراءتي للنصّ

 

 

في إطار عادات اليهود التقويّة، توجّه يسوع إلى المجمع بالتعليم التالي: "ليس ما يدخل الفمّ ينجّس الإنسان، بل ما يخرج من الفمّ هو ما ينجّس الإنسان"(11).

 

 تدخّل التلاميذ، واسترعوا انتباه يسوع إلى أنّ الفرّيسييّن قد تشكّكوا لدى سماعهم مثل هذا الكلام؛ فأتبعه يسوع عندئذ، بتعليم آخر، قال: "كلّ غرسة لم يغرسها أبي السّماويّ تُقلع"! وطبق ذلك على الفرّيسييّن الّذين ينقادون لوصايا البشر، فهم بالتالي، عميان وقادة عميان؛ فاعترض هنا، بطرس وقال ليسوع: ونحن لم نفهم أيضًا ما تقول، ففسّر لنا.

 

لبّى يسوع طلب بطرس، بعد أن أبدى إنزعاجًا من عدم فهمهم، متوقّفًا عند تمييز ما يدخل الفمّ، مّما يخرج منه. ما يدخل الفمّ لا يبقى في الإنسان، بل يتأدّى إلى الخارج، إلى الخلاء، فهذا ليس نجسًا من ذاته، وبالتالي، لا ينجّس الإنسان؛ أمّا ما يخرج من الفمّ، فإنّه يصدر بالضرورة من القلب؛ وما يصدر من القلب قد يكون نجسًا، كالأفكار الشرّيرة، وينجّس بالتالي الإنسان.

 

 

 

 ما هي الأفكار الشرِّيرة؟ ما هو الشرّ؟

 

 

 جاء في متّى (15 /19)  "القتل والزنى والفجور والسرقة وشهادة الزور والتجديف".

 

وجاء في مار بولس (روم1 /28ـ31): "ولأنّهم رفضوا أن يثبتوا في معرفة الله، أسلمهم الله إلى رأي فاسد، حتّى يفعلوا المنكرات (28)، ممتلئين من كلّ ظلم وشرّ وجشع وسوء، مفعمين حسدًا وقتلاً وخصامًا ومكرًا ولؤمًا، مسيئي الظنّ (29)، نمّامين، مبغضين لله، شتّامين، متكبّرين، مدّعين، مخترعين الشرور، عاقّين للوالدين (30)، لا فهم لهم، ولا وفاء، ولا حنان ولا رحمة" (31).

 

 

وجاء في مار بولس (غل 5 /19ـ21): "أمّا أعمال الإنسان الجسديّ فواضحة، وهي الفجور والنجاسة والعهر (19)، وعبادة الأوثان والسحر والعداوات والخصام والغيرة والغضب والمنازعات والإنقسامات والبدع (20)، والحسد والسكر والقصوف وما أشبه ذلك. وأنبّهكم الآن، كما نبّهتكم من قبل أنّ الذين يعملون مثل هذه الأعمال، لن يرثوا ملكوت الله (21).

 

 

 

وجاء في العهد القديم، حول الرذائل الأربع التي تخالف وصايا الله (خر 20 /13ـ16): "لا تقتل، لا تزنِ، لا تسرق، لا تشهد على غيرك شهادة  زور".

 

 

 

 

 شرح للنصّ (غل5 /19ـ21) 

 

 

تتوزّع الرذائل الواردة فيه على أربعة أنواع من الأعمال.

 

النوع الأوّل "فجور ونجاسة وعهر" متفشّية في كلّ العالم الوثنيّ المعاصر لبولس (12/ 12)؛

 

النوع الثاني "عبادة أوثان وسحر"  مقرونة بخرافات مختلفة وممارسات عنف وأذى ؛

 

 

النوع الثالث "عداوة وخلاف وغيرة وسخط وعصيان وشقاق وبدعة وحسد" تفسد العلاقات بين الناس، فيخاصم بعضهم بعضًا.

 

 

النوع الرابع "سكر وقصوف"  يتبعها مجون وتعدّ على حقوق القريب. كلّ هذه الأعمال تصدّ الإنسان عن بلوغ هدف دعوته الحقّ.

 

 

 

 

ثانيًا  "قراءة رعائية"

 

 

 الآية (10)

 

 دعا يسوع الجمع لكي يكونوا شاهدين، فيختارون بين الفرّيسييّن، وبين تعليمه (الإنجيل).

 قال لهم: "اسمعوا"، أي أطيعوا؛ وقال لهم: "افهموا" أي اقتنعوا وآمنوا بتعليمي، والتزموا به.

 

 

 

 

 طرح يسوع هنا، ما يتعلّق بالطاهر والنجس. ما يدخل الفمّ من طعام،  لا ينجّس الإنسان، بل ما يخرج من فمّ الإنسان، كالنوايا الشرّيرة تجاه قريبه، هو ما ينجّسه، لأنّ هذه النوايا تصل إلى الأقوال والأفعال.

 

 

 

 شرح عبارات وكلمات

 

 

 تشكّكوا (12)

 

 استاؤوا، وجدوا في يسوع ما جعلهم يتذمّرون ويشكّون بالله ، فيعثرون ويسقطون.

 

 

كلّ غرسة (13)

 

 موضوع الغرس مألوف في العهد القديم مع الكرمة (آش 5 /1ـ 7 ؛ حز19 /10ـ14) ؛ كلّ غرس يمجّد الله (آش60 /20ـ 61 /3) ؛ وهذا الغرس مبارك إذا ارتبط بالله، أمّا إذا ارتبط بالشيطان فيجب أن يقلع.

 

 

الأب توما مهنّا