الثلاثاء السادس عشر من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

 

 

 

إنجيل اليوم (لو 18/ 18-23)

 

 

 

18 وسأل أحد الرّؤساء يسوع قائلاً: "أيّها المعلّم الصالح، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبديّة؟".

 

19 فقال له يسوع: "لماذا تدعوني صالحًا؟ لا أحد صالحٌ إلاّ واحد، هو الله!

 

20 أنت تعرف الوصايا: لا تزنِ، لا تقتل، لا تسرق، لا تشهد بالزّور، أكرم أباك وأمّك!".

 

21 قال الرّجل: "هذه كلّها حفظتها منذ صباي".

 

22 ولمّا سمع يسوع ذلك قال له: "واحدةٌ تعوزك: بع كلّ ما لك، ووزّع على الفقراء، فيكون لك كترٌ في السّماوات، وتعال اتبعني!".

 

23 فلمّ سمع الرّجل ذلك، حزن حزنًا شديدًا، لأنّه كان غنيًّا جدًّا.

 

 

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

 

 

 أُعطيَ لنصّ إنجيل هذا اليوم، في "الترجمة اللّيتورجيّة"، العنوان التالي: "يسوع والغنيّ"؛ له نصّ موازٍ في متّى ( 19/ 16-22)، وآخر في مرقس ( 10/ 17-22)؛ وأُعطيَ لهذا النصّ الأخير شرح في خميس الأسبوع الأوّل من زمن الصليب.

 

 

طرح أحد الرؤساء على يسوع السؤال التالي: "ماذا أعمل لأرث الملكوت السماويّ؟

 

    فجاء جواب يسوع أوّلاً، بالتساؤل  التالي: لماذا تدعوني صالحًا، وتعطيني هذه الصفة، التي تختصّ حصرًا بواحد، هو الله؟ فكأنّ يسوع يقول له: أتعني هذا المعنى للكلمة، وتقصده وتؤمن هكذا؟ فإن كان هذا حالك، فأنت في الحقّ؛ وإلاّ، فعليك أن تعي ذلك، وتؤمن به، فترث الملكوت السماويّ.

 

 

 وجاء جواب يسوع ثانيًا، وفي خطوة أولى على المستوى العامّ، بقوله له: هل حفظت الوصايا التي أنت تعرفها، ذاكرًا أمامه خمسًا منها، فأجابه الرجل: نعم، هذه الوصايا حفظتها منذ صباي؛ حينئذ انتقل يسوع، في جوابه عليه، وفي خطوة ثانية، إلى المستوى الخاصّ، وقال له: "واحدة تعوزك": اتّباعي! فاذهب، إذن، وبع كلّ ما لك، ووزّعه على الفقراء، (متخلّيًا هكذا عن كلّ كنوزك في الدنيا مقابل كنز بديل يعطى لك في السماء)، وتعال اتبعني!

 

 

 لم يشعر الرجل الغنيّ حينها، بالاستعداد الكافي لتلبية هذا المطلوب الجذريّ، لأنّه كان غنيًّا جدًّا؛ فاقتصر تجاوبه مع دعوة "المعلّم الصالح" له بالحزن الشديد؛ أمّا في الواقع، فقد فضّل غناه على "الواحدة" التي تعوزه، على اتّباع المسيح وحمل الصليب معه، كلّ يوم، حتّى الموت، فالقيامة.

 

 

 

 

 

ثانيًا  "قراءة رعائيّة"

 

 

 السائل هو، هنا في لوقا، "أحد الرؤساء"، هو رجل غير محدّد الهويّة في مرقس ( 10/ 17)، وهو شابّ في متّى ( 19/ 20)؛  هذا السائل الغنيّ، يريد أن يتاجر، أن يربح الحياة الأبديّة: "ماذا أعمل لأرث الحياة الأبديّة؟"؛ لكنّ يسوع أفهمه أنّ الملكوت نداء جذريّ لعطاء، لا يتوافق مع تكديس الأموال؛ إنّه عطيّة تتجاوز إمكانّيات الإنسان، نتقبّلها مجّانًا من الله.

 

 

 

الآية (21)

 

حفظ الشريعة قد يكون خارجيًّا، كوضع بولس قبل اهتدائه ( راجع فل 3/ 6)؛ ولكن، هناك أيضًا الطاعة الداخليّة للشريعة، والاستعداد للتّجاوب مع ما يدعونا الله إليه؛ وقد يكون هذا ما ينقص الرجل الغنّى السائل.

 

 

الآية (22)

 

ما أن سمع يسوع جواب الرجل: "هذه كلّها حفظتها منذ صباي، حتّى عرض عليه مهمّة جديدة، ليدخله الملكوت الذي لا يستطيع دخوله بقواه الخاصّة؛ فكان عليه، كما على كلّ منّا نحن المؤمنين بيسوع المخلّص، أن يتجاوب مع دعوة يسوع الخاصّة له، فيتجرّد عن كلّ شيء، ويكون له كتر في السماء ( أي الخلاص، عطيّة الحياة الأبديّة)، ويوزّع ثمنه على الفقراء (العطاء)، وعندئذ يتبع المسيح.

 

 

شرح عبارات وكلمات

 

 

   منذ صباي (21)

 

أي منذ عمر 12 سنة، حين صار مسؤولاً عن الوصيّة وحفظها.

 

 

 حزن حزنًا شديدًا (23)

 

هكذا دلّ على تعلّقه بغناه أكثر من تعلّقه بيسوع؛ ففضّل ماله الكثير في هذه الدنيا على الحياة الأبديّة التي جاء يطلبها.

 

 

الأب توما مهنّا