الثلاثاء الرابع من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

إنجيل اليوم  (متّى 18 /6ـ 10)

 

 

6 قال الربّ يسوع :"من شكّك واحدًا من هؤلاء الصّغار المؤمنين بي، فخير له أن يعلّق في عنقه رحى الحمار، ويزجّ به في عمق البحر

 

7  الويل للعالم من الشكوك! فلا بدّ أن تقع الشكوك، ولكن الويل لمن تقع الشكوك  بسببه.

 

8 فإن كانت يدك أو رجلك سبب عثرة لك، فاقطعها وألقها عنك، فخير لك أن تدخل الحياة وأنت أقطع أو أعرج، من أن يكون لك يدان أو رجلان وتلقى في النار الأبديّة .

 

9 وإن كانت عينك سبب عثرة لك، فاقلعها وألقها عنك، فخير لك أن تدخل الحياة بعين واحدة، من أن يكون لك عينان وتلقى في نار جهنّم .

 

10 انظروا، فلا تحتقروا أحدًا من هؤلاء الصّغار، فإنّي أقول لكم: إنّ ملائكتهم في السّموات يشاهدون كلّ حين وجه أبي الّذي في السّموات".

 

 

 

 

أولًا قراءتي للنصّ

 

 

بعد أن رأينا، في الآيات السابقة من هذا الفصل، أن يسوع يطلب،على مدى الأجيال، من تلاميذه والمؤمنين به، في كنيسته، أن يتشبّهوا بالأطفال من حيث بساطتهم وخلوّهم من الإدّعاء والكبرياء والعناد، باعتبار ذلك شرطًا أساسيًا للدّخول إلى ملكوت السّموات، نراه هنا، يتوقف عند خطر من الأخطار التي تهدّد "هؤلاء الصغار المؤمنين بي"، خطر الشكوك أو الأسباب التي تقود إلى الخطيئة، ويبدي قساوة تجاه مسبّبها كقساوته على الفرّسيّين والكتبة بالذات (الفصل 23).

 

 

 يؤكّد يسوع، في الآيتين 6ـ7، على وجود الشكوك، أو أسباب الخطيئة، في العالم، بين البشر، وعلى أنّ هذا الوجود حاصل بالضرورة، ولا بدّ منه، وينذر يسوع بالويل والهلاك للعالم ولمسبّبي الشكوك والإغراءات فيه؛ أمام هذا الواقع، يتوجّه يسوع، بطريقة عامّة، إلى من يشكّك واحدًا من "هؤلاء الصغار المؤمنين بي"، ليقول له أن زجّه في البحر، بعد تعليق رحى الحمار (حجر الطحن) في عنقه، هو دون العقاب الذي ينتظره، والذي عليه أن يتوقّعه !

 

 

 ويتوجّه يسوع في الآيتين 8 ـ9 ، إلى "هؤلاء الصغار المؤمنين بي" أنفسهم، ويطلب منهم إبعاد أسباب الخطيئة، مهما كانت هذه الأسباب، وإزالة مصادرها (إذا كانت يدك أو رجلك سبب عثرة لك، فاقلعها)؛ لأنّه، إذا لم تزل أسباب الخطيئة وتضحّي بمصدرها، تحرم من كلّ شيء، من دخول الحياة، وتتعرّض للويل والهلاك في النار الأبديّة، في جهنّم النار.

 

 

ويتوجّه يسوع أخيرًا، إلى تلاميذه، ويدعوهم إلى التيقّظ والتنبّه، لئلاّ يحتقروا أحدًا من "صغاره ، من إخوتهم الذين عادوا وصاروا أطفالاً، وتتجلى طفولتهم في حياتهم اليوميّة؛ حذار من إحتقار هؤلاء، لأنّهم يلقون إهتمامًا خاصًا من لدن الربّ؛ وملائكتهم يشاهدون وجه الله الآب في كلّ حين.

 

 

ثانيًا  شرح عبارات وكلمات

 

 

 من شكك...(6) 

 

أي من أوقع في الخطيئة، من جعل أحدًا يعثر.

 

 رحى الحمار (6) 

 

هو حجر للطّحن، كبير يدور به الحمار، أو صغير تحرّكه امرأة في البيت؛ يأتي العقاب قاسيًا. خير لمسبّب الشكوك أن يختفي عن وجه الأرض، أو أن يعود إلى البحر مثل الشيطان (8/32).

 

 

فاقطعها... فاقلعها (8ـ9) 

 

متطلّبات يسوع جذريّة: على المؤمن به عليه أن يكون مستعدًّا "لقطع" أي عضو يسسبب له السقوط في الخطيئة؛ وذلك، ولكي لا يحرم الحياة الأبديّة.

 

 

 الآية (7) 

 

تدلّ كلمة "العالم" هنا، لا على الكون والخليقة، ولا على البشريّة في مقاومتها لرسالة المسيح (كما عند يوحنّا )، بل على البشر إجمالاً، الذين يسود عليهم إبليس (4/1ـ 11)؛ البشر، في العالم، بائسون، ويسبّبون البؤس"للصغار"، لجماعة يسوع وأعضاء الكنيسة؛ ينطلق يسوع من الواقع البشريّ الذي هو مملوء بالشكوك، فيحذّر التلاميذ لكي لا يكونوا، ضحيّة هذه الشكوك، ولا من مسبّبيها.

 

 

 الآية (10) 

 

يحذّر يسوع تلاميذه من تحقير" الصّغار" صغار السنّ، وصغار القوم الّذين لايهتمّ بهم أحد، ويعيشون على هامش المجتمع؛ إنّهم لجديرون بكلّ اهتمام، لأن الله الآب قد وضع ملائكته في خدمتهم، بشكل      خاصّ، وبخدمة شعبه بشكل عامّ، (راجع مز 34 /8 ؛91 /11 ؛عب 1 /14 )؛ هؤلاء الملائكة هم من أرفع المراتب السماويّة، وواقفون، كلّ حين، في حضرته تعالى.

 

 

الأب توما مهنّا