الثلاثاء الثامن من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

 

إنجيل اليوم (لو11 /5-8)

 

 

قال يسوع لتلاميذه:" مَن منكم يكون لَهُ صديق، ويذهب إليه في نصف اللّيل، ويقول له: يا صديقي، أقرضني ثلاثة أرغفة، لأنَّ صديقًا لي قدم عليَّ من سفر، وليس عندي ما أُقدّمه له؛ فيجيبه صديقه من الدّاخل ويقول: لا تزعجني! فالباب الآن مُغلق، وأولادي معي في الفراش، فلا أقدر أن أقوم لأُعطيك؟ أقول لكم: إن كان لا يقوم ويعطيه لأنّهُ صديقه، فإنّه مِن أجل لجاجته ينهض ويعطيه كلّ ما يحتاج إليه.

 

 

 

أوّلاً قراءتي للنّصّ

 

 

 

 أعطي لهذا النصّ العنوان التالي "مثل الصّديق اللّجوج"؛ ووضع له، في"الترجمة اللّيتورجيّة"، التعليق التالي.

 

هذا المثل يعلّمنا أنّ الصلاة الدائمة تستجاب. ينطلق النصّ من علاقة الصداقة بين شخصين، ويبيّن بأنّ  هذه العلاقة غير كافية لحمل أحدهما على تحمّل انزعاجٍ كبير في سبيل تأمين حاجة ملحّة لدى الآخر، وبأن لا بدّ بالتالي، من اللُّجوء إلى اللّجاجة، وسيلة مضافة إلى الصداقة، وجاعلة الصداقة فعّالة وملبّية.

 

 

يمكن تطبيق هذا المثل على الصلاة، واستنتاج الخلاصة التالية.

 

لا شكّ في أنّ الصداقة أساس في العلاقة القائمة بين المؤمن المصلّي وبين اللّه الذي تتوجَّه إليه الصلاة؛ واللّجاجة في الصلاة-الطلب، كالمرأة الكنعانيّة (متّى15/21-28) تفعّل علاقة الصداقة هذه، وتوطّدها، وتحمل اللّه على تلبية الطلب، والإعجاب بإيمان الطالب وثقته؛ لذلك، نقول إنّ اللّجاجة ليست في الكلام والترداد، بل إنّها في التصرّف والكلام المعبّر عنه (أتى لعند صديقه نصف اللّيل، وقال له...)؛ وبأنّها تصدر عن شعور قويّ بالحاجة، من جهة، وعن إيمان وطيد بمقدور المتوجّه إليه على المساعدة.

 

 

ويبقى أن نشير، أخيرًا، إلى أنّ هذا المثل قريب من مثل القاضي الظالم (لو18/1-8)، وشبيه به، معنًى وتعبيرًا.

 

يتّضح معنى هذا المثل، إذا ما نظرنا إليه في إطاره السابق (1-4)، واللاّحق (9-13): أنّه دعوة إلى الصلاة التي لا تملّ، وإن ترافقت مع الظنّ بأنّ الاستجابة تأخّرت، أو بأنّها لا تلقى استجابة.

 

 

 

 يتفرّد لوقا ببعض أمثال تبدأ بسؤال (14/28، 31؛ 15/4، 8؛ 17/7)؛ وله أمثال واردة في متّى ومرقس (لو11/11؛ 12/25؛ 14/5).

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

 رجل هذا المثل هو مثال الرجل الذي يداوم على الصلاة، ويثق باللّه الآب، كما امرأة المثل الوارد في لوقا ( 18/1-8)، هي مثال المرأة التي تداوم على الصلاة ولا تملّ؛ والاثنان يصلان إلى الحصول على طلبهما.

 

 

لقد لبّى الصديق طلب صديقه، ولبّى القاضي الظالم طلب الأرملة، بسبب الانزعاج الذي أحدثته اللّجاجة، وبهدف عودة كلّ منهما إلى راحته؛ ألا يفعل اللّه هكذا، أمام الصلاة الداثمة، وهو الأب المحبّ والإله  العادل؟ 

 

 

 

الأب توما مهّنا