الثلاثاء الثالث بعد عيد ارتفاع الصليب «الإنجيل

 

 

 

 

إنجيل اليوم (لو 6/ 20-26)

 

 

20 رفع يسوع عينيه نحو تلاميذه وقال: "طوبى لكم، أيّها المساكين لأنّ لكم ملكوت الله.

 

21 طوبى لكم أيّها الجياع الآن، لأنّكم ستشبعون. طوبى لكم أيّها الباكون الآن، لأنّكم ستضحكون.

 

22 طوبى لكم حين يبغضكم النّاس، وحين يرذلونكم، ويعيّرونكم، وينبذون اسمكم كأنّه شرّيرٌ من أجل ابن الإنسان.

 

23 افرحوا في ذلك اليوم وتهلّلوا، فها إنّ أجركم عظيمٌ في السّماء، فهكذا كان آباؤهم يفعلون بالأنبياء.

 

24 ولكن الويل لكم، أيّها الأغنياء، لأنّكم نلتم عزائكم.

 

25 الويل لكم، أيّها المتخمون الآن، لأنّكم ستجوعون. الويل لكم، أيّها الضّاحكون الآن، لأنّكم ستحزنون وتبكون.

 

26 الويل لكم حين يمدحكم جميع النّاس، فهكذا كان آباؤهم يفعلون بالأنبياء الكذّابين.

 

 

 

 

أوّلًا قراءتي للنّصّ

 

 

أُعطيَ لهذا النصّ، في "الترجمة اللّيتورجيّة"، عنوانان، الأوّل "التطويبات" (20-23)، وله نصّ موازٍ في متّى ( 5/ 1-12)؛ والثاني "الويلات" (24-26)؛ وأعطي لهذا النصّ، في كتاب القراءات في القدّاس (بكركي 2005)، الشرح التالي.

 

 

يسوع يعارض كلّ تيّار دنيويّ يرى السعادة الكاملة في نظام سياسيّ أرضيّ، مقرون بعيش رغيد دائم؛ ويعلّم أنّ السعادة الحقيقيّة هي مع الله، وبعد هذه الحياة. 

 

 

 

الآيات (20-23)

 

 

رفع يسوع عينيه نحو تلاميذه، وتوجّه "بالطوبى"، أي بالملكوت، لهم ولمن يمثّلون من الناس. المساكين والجياع والباكين والمنبوذين من الجميع لأجل اسمه؛ لا نقول إنّ هذه الحالات الأربع توصل، في حدّ ذاتها، إلى الملكوت، لأنّ مثل هذا القول يفترض أنّ الرّبّ يشجّع الفقر والجوع والحزن والنبذ وما شابه؛ بينما الثابت لدينا من تصرّف الرّبّ وتعليمه، هو عكس ذلك تمامًا. لأنّه قد حرّر العديدين من أصحاب هذه الحالات بالآيات التي أجراها، والتي أعطى تلاميذه والقدّيسين في الكنيسة، القدرة على إجرائها؛ ولأنّه علم أنّ الناس سيدانون على تقصيرهم في مساعدة إخوتهم هؤلاء، أصحاب هذه الحالات، لتخطّيتها والتحرّر منها.

 

 

 

 

 

 

  الآيات (24-26)

 

 

وتوجّه يسوع إلى أصحاب الحالات المقابلة للحالات السابقة، إلى الأغنياء والمتخمين والضاحكين، والمعتبرين من الجميع، وأنذرهم "بالويل"، بالهلاك الذي ينتظرهم؛ لا نقول إنّ هذه الحالات الأربع هي، في حدّ ذاتها، شرّ وتوصل إلى الويل والهلاك، لأنّ مثل هذا القول لا يترك جوابًا على الأسئلة التالية.

 

 

كيف إذن، نساعد الفقراء، ونطعم الجياع، ونعزّي الحزانى...؟ ويفترض مثل هذا القول أيضًا، أنّ الرّبّ قد صنّف الحالات التي "يصيرها" الإنسان، فحبّذ بعضها، ونبذ بعضها الآخر، بمعزل عن الإنسان ذاته وموقفهم منها؛ بينما الثابت لدينا هو القول بأن قد أعطيت للإنسان القدرة على جعل هذه الحالات خلاصيّة، إذا ما أشرك في خيراته التي هي عطيّةٌ من الله، آخرين محرومين منها؛ على أنّه يجب القول إنّ هذه الحالات الأربع الأخيرة، هي أخطر من الحالات السابقة، لأنّها قد تميل بأصحابها إلى التعلّق بهذه الدنيا وهنائها، وإلى الاكتفاء بها، دون التطلّع إلى الحياة الأخرى، وهكذا توقعهم في "الويل".

 

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

 

  الآيات (20-23)

 

 

إنّ الآيات ( 20-49) في لوقا تقابل عظة الجبل في متّى (ف 5-7)؛ لكن، عظة لوقا أقصر من عظة متّى، وتتوجّه إلى جميع الناس، لا إلى اليهود فقط، لذلك لا إشارة في عظة لوقا إلى العهد القديم (سمعتم أنّه قيل)، بل يصدر الكلام فيها عن يسوع بشكل مباشر؛ تبدأ العظتان بالتطويبات، وتنتهيان بمثل البيت المبنيّ على الصخرة أو على الرمل؛ يظهر أن التطويبات في لوقا (20-23) قد جعلت على المستوى الاجتماعيّ، ربما في إطار الاضطهادات التي بسببها، صار المؤمنون فقراء.

 

 

 

  الآيات (24-26)

 

تقابل هذه الويلات التطويبات، وتدلّ على تحسّر يسوع وحزنه على أولئك الذين رفضوا التجدّد، وفضّلوا مديح الناس على رضى الله، لا سيّما في وقت الاضطهاد.

 

 

 

الأب توما مهنّا