الإثنين السادس من الصوم الكبير «الإنجيل

 

 

 

إنجيل اليوم  (يو 7: 32-36)

 

32 وسَمِعَ الفِرِّيسيُّونَ ما كَان  يَتَهامَسُ به الجَمْعُ في شأنِ يَسُوع، فأَرسَلُوا هُم والأحبَار حَرَسًا لِيَقبِضُوا عَلَيه.

 

33 فقالَ لَهٌم يَسُوع: "أَنا مَعَكم بَعدُ زَمَنًا قليلاً، ثُمَّ أَمضِي إِلى مَن أَرسَلَني.

 

34 ستَطلُبونَني فلا تَجِدُونَني، وحَيثُ أَكونُ أَنا لا تَقدِرُونَ أَنتُم أَن تَأْتُوا".

 

35 فقالَ اليَهودُ بَعضُهُم لِبَعضٍ: "إِلى أَينَ يَنوي هذا أن يَذهَب، فلا نَجِدَهُ نَحنُ؟ هَل يَنوي الذَّهَابَ إِلى اليَهُود المُشَتَّتينَ بَينَ اليونانِيِّينَ، ويُعَلِّمَ اليونانِيِّين؟

 

36 ما هذِهِ الكَلِمَةُ الَّتي قَالَهَا: ستَطلُبونَني فلا تَجِدُونَني، وحَيثُ أَكونُ أَنا لا تَقدِرُونَ أَنتُم أَن تَأْتُوا؟".

 

 

 

أوّلًا قراءتي للنصّ

 

 آيات نصّ إنجيل هذا اليوم هي الأخيرة من الآيات (14-36) المدرجة تحت العنوان "يسوع يعلّم في الهيكل".

 

 

 الآية (32)

 

لم يتأثّر االفرّيسيّون، كباقي الناس، من تعليم يسوع وأعماله، ولم ينقادوا إلى إعادة النظر في موقفهم السلبيّ منه، بل ازدادوا تصلّبًا، حين سمعوا تهامس الجميع في شأنه (يو 7: 31)، إلى حَدّ أنّهم اتّفقوا مع الأحبار، وأرسلوا حَرَسًا ليقبِضوا عليه، بهدف قتله وتصفيته.

 

 

 الآيتان (33-34)

 

توجّه يسوع، مرّة أُخرى، إلى الفرّيسيّين، في موقفهم العدائيّ منه، والمتسبّب من الكشف عن هويّته الخلاصيّة أمامهم، من جهة أنّ تعليمه هو تعليم الله الآب، وأنّ الله الآب، هو الذي أرسله إلى العالم، ويتابع هنا، أمامهم، الكشف عن هويّته، من جهة كونه باق معهم (ومعنا) على الأرض زمنًا قليلًا، وسوف يمضي، بعد هذا الزمن القصير، إلى الله الآب الذي أرسله؛ ثمّ ينذرهم بأنّهم، إذا ما طلبوه بعد ذلك، ولا بدّ لهم من أن يطلبوه، فلن يجدوه! لأنّه ذاهب إلى حيث لن يستطيعوا الذهاب؛ وهذا يعني أنّ عليهم أن يجدوه هنا، أن يقبلوه، وأن يؤمنوا به، فيتمكّنون بذلك من أن يعرفوا إلى أين هو ذاهب، ويُعطَوا عندئذٍ، ما يخوّلهم أن يذهبوا إليه.

 

 

 

 الآيتان (35-36)

 

تَوَقَّفَ اليهود عند كلام يسوع هذا الأخير، أكثر مِمَّا تَوَقَّفُوا عند كلامه السابق؛ ولكن، بعد أن أعطوه بُعدًا مَكانيًّا، متسائلين: إلى أين ينوي هذا أن يذهب: أإلى عالم الشتات اليهوديّ، حيث يتاح له تعليم اليونانيّين هناك؟ نازعين هكذا، عن كلامه، بُعدَه الحقيقيّ، البُعد الخلاصيّ الذي يتناول الملكوت، ما لم يجدوا مجالًا لفعله بالنسبة إلى كلامه السابق! وتَوَقَّفَ تفكيرهم عند هذا التساؤل، الذي أبقاهم أسرى التفكير البشريّ العادي، الخالي من البُعد الإيمانيّ الأصيل.

 

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 الآية (32)

 

هناك حبر أو رئيس كهنة واحد لدى اليهود؛ ولكن، بما أنّ الرومان كانوا يعزلون بسهولة رئيس الكهنة، وكان كلّ رئيس معزول يحافظ على لقبه، صار الكلام على رؤساء كهنة أو أحبار المجمع، ممكنًا وجائزًا؛ اتّخَذَ هؤلاء القرار بقتل يسوع، عندما لاحظوا أنّ الجموع تميل إلى الإيمان به، على أساس الاعتبار التالي: أترى المسيح، عندما يأتي، يصنع آيات أكثر من التي صنعها هذا (يسوع)؟ وبدأوا بالتنفيذ بإرسال حَرَس ليمسكوه.

 

 

 

 شرح عبارات وكلمات

 

 أنا معكم (33)

 

يتكلّم يسوع عن موته (أمضي)، وعن صعوده إلى الآب (حيث لا تقدرون، أنتم، أن تأتوا!).

 

 

 اليهود المشتّتين (35)

 

منذ زمن المنفى، تَشَتَّتَ اليهود خارج فلسطين، وأقاموا وسط اليونانيّين، أي وسط الأمم الوثنيّة؛ رسالة يسوع موجّهة، نعم، إلى هؤلاء، وإلى اليونانيّين اي الوثنيّين بالذات؛ وهذا ما فعلته الكنيسة الأولى في أنطاكية (رسل 11: 19-20)، وبه تميّزت حياتها، وبخاصّةٍ في الحقبة التي تلت غياب الربّ.

 

 

الأب توما مهنّا