الإثنين الثاني من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

 

 

إنجيل اليوم  (يو 15 /1ـ 8)

 

1 ـ قال الرّب يسوع: "أنا هو الكرمة الحقيقية وأبي الكرّام.

 

2 ـ كلُّ غصنٍ فيَّ لا يحمل ثمرًا يقطعه، وكلّ غصنٍ  يحمل ثمرًا ينقّيه ليحمل ثمرًا أكثر.

 

3 ـ أنتم الآن أنقياء بفضل الكلمة التي كلّمتكم بها.

 

4 ـ اثبتوا فيَّ، وأنا فيكم. كما إنّ الغصن لا يقدر أنّ يحمل ثمرًا من تلقاء ذاته، إن لم يثبت في الكرمة، كذلك أنتم أيضًا إن لم تثبتوا فيَّ.

 

5 ـ أنا هو الكرمة وأنتم الأغصان. من يثبت فيَّ وأنا فيه، يحمل ثمرًا كثيرًا، لأنّكم بدوني لا تقدرون أنّ تفعلوا شيئًا.

 

6 ـ من لا يثبت فيَّ يطرح كالغصن خارجًا وييبس. وتُجمع الأغصان اليابسة، وتطرح في النّار فتحترق.

 

7 ـ إنّ تثبتوا فيَّ، وتثبت أقوالي فيكم ، تطلبوا ما تشاؤون فيكون لكم.

 

8 ـ بهذا يمجّد أبي أن تحملوا ثمرًا كثيرًا، وتصيروا لي تلاميذ".

 

 

 

أولاً قراءتي للنصّ

 

 

 

 أنا هو الكرمة وأنتم الأغصان (5)

 

يعبّر يسوع بهذا المثل عن الصلة الحياتيّة  القائمة بينه وبين تلاميذه، وبينه وبين المؤمنين به، ذلك بهدف مساعدتهم على وعي هذه الصلة في طبيعتها، ومعرفة كيفية الحفاظ عليها وتنميتها؛ إنّه هو الكرمة، الكرمة الحقيقية الوحيدة؛ أمّا تلاميذه والمؤمنون به، فهم أغصان هذه الكرمة؛ وإنَّ الكرّام الذي يعتني بهذه الكرمة وبأغصانها هو الله الآب.

 

 

 على الغصن أنّ يحمل ثمرًا، كما للكرمة ، كذلك لكلّ موجود، غاية مرتبطة به ومبررة لوجوده، وهي في إعطاء الثمر؛ إنَّ الكرمة تثمر بأغصانها،  وليس بشيء آخر؛ ولا يمكن للأغصان أنّ تثمر إلا إذا بقيت مرتبطة بالكرمة وثابتة فيها؛ كما إنه لا يمكنها أن تحسن الثمر وتعطيه بوفرة إلاّ  إذا أخضعت للتنقية الواجبة والمستمرّة.

 

 

 لذلك، صار المطلوب من التلميذ، ومن المؤمن، لكي يصبح بدوره تلميذًا، في إطار هذا المثل، أنّ يثبّت إرتباطه بالمسيح، من طريق الإيمان، وأنّ يتجدّد في إيمانه بواسطة كلمة الله، وأنّ يبذل الجهد للعيش بموجب هذا الإيمان المتجدّد، فيصبح هكذا تلميذًا ليسوع ويتمجّد به الله؛ ويكون قد حصل هكذا على كلِّ شيء، على كلِّ ما يطلب أو يشاء.

 

 

 الغصن الذي يثمر ينقّيه الكرّام لكي يحمل ثمرًا أكثر؛ نحن هنا، في مجال التوبة التي تعمّق  الإيمان وتصوّب التصرّف؛ في حين أنّ الغصن الذي لا يثبت  في  الكرمة، ولا يثمر، يُقطع منها، ويُطرح خارجًا، وييبس، كما يُطرح في النار ليُحرق؛ نحن هنا، في هاتين الحالتين، في مجال المصير النهيويّ الذي لا عودة منه.

 

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

 

 يكوّن الفصلان (15و16) من يوحنّا خطبة يسوع الثانية؛ نفهم من هذه الخطبة أنَّ يسوع هو ينبوع كلّ حياة (15/1ـ8)، لأنّه الماء الحيّ (4/1ـ42؛7/37ـ53)، وخبز الحياة (6/22ـ 39)، ونور العالم (8/12 ـ20)؛ إنّ صورة الكرمة تشير إلى تيّار الحياة الذي ينتقل من يسوع إلى التلاميذ، فيجعلهم يثمرون الثمر الذي ينتظره العالم.

 

 

شرح عبارات وكلمات

 

أنا هو الكرمة الحقيقية وأبي الكرّام (1) 

 

دلّت الكرمة، في العهد القديم، على شعب إسرائل الذي إنتظر منه الله عنبًا فأثمر حصرمًا برّيًا (أش5/2،4)؛ وتدلُّ الكرمة هنا، على يسوع الذي هو الكرمة الحقيقيّة، مقابل شعب إسرائل الذي لم يثمر، وصار بالتالي، كرمة  كاذبة؛  والكرّام الذي كان الله الآب مع شعب إسرائل، هو نفسه الكرّام مع الكنيسة.

 

 

وكلّ غصنٍ فيّ...(2) 

 

فكما كان القطع مصير شعب إسرائيل الذي لم يثمر، ولم يدخل في الكنيسة فيتجدّد، هكذا يكون القطع أيضاً مصير أغصان الكرمة الجديدة والحقيقيّة الذين هم التلاميذ والمؤمنون بيسوع، في حال لم يثبتوا في هذه الكرمة ، ولم يثمروا؛ والغصن الذي يُقطع يفصل عن جماعة الكنيسة، ولا يعود مشاركًا في موت يسوع وقيامته، ويرمى في النار ليحترق.

 

 

 وكلّ غصنٍ يحمل ثمراً ينقّيه (2) 

 

أي يشذّبه،كما يشذّب الكرّام كرمه ، لكيّ يحمل ثمرًا أكثر؛ تتمّ التنقية هذه بالإيمان بتعليم يسوع

( 15/7)، وبالإستسلام لعمله دون أن نضع العوائق(15/3).

 

 

 لأنّكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا (5)

 

هذا القول لا ينفي قيمة المجهود البشريّ، بل يؤكّد على أنَّ كلّ مجهود بشريّ لا ينطلق من المسيح ويصل إليه ، يبقى باطلاً؛ نحن نثبت فيه، وهو يثبت فينا؛ نحن نقيم معه، نتعلّق بشخصه، وهو يثبت فينا بعطايا خلاصه الدائم.

 

بهذا يُمجّد أبي (8)

 

 

مجد الله الآب هو في يسوع، وهو أيضًا في المؤمنين الذين يثبتون في يسوع ويثمرون؛ في هذا المعنى يقول بولس الرسول: "إذا، إنّ أكلتم أو شربتم أو مهما فعلتم ، فافعلوا كل شيء تمجيدًا لله".

(1 قور 10/31).

 

 

الأب توما مهنّا