الإثنين الثاني عشر من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

 

إنجيل اليوم (لو 12/ 54-59)

 

 

 

54 قال يسوع أيضًا للجموع :"متى رأيتم سحابةً تطلع من المغرب، تقولون في الحال: المطر آتٍ! فيكون كذلك.

55 وعندما تهبّ ريح الجنوب، تقولون: سيكون الطّقس حارًّا! ويكون كذلك.

56 أيُّها المراؤون، تعرفون أن تميّزوا وجه الأرض والسّماء، أمّا هذا الزّمان فكيف لا تميّزونه؟

57 ولماذا لا تحكمون بالحقّ من تلقاء أنفسكم؟

58 حين تذهب مع خصمك إلى الحاكم، اجتهد في الطّريق أن تنهي أمرك معه، لئلّا يجرّك إلى القاضي، ويسلّمك القاضي إلى السّجّان، والسّجّان يطرحك في السّجْن.

59 أقول لك: لن تخرج من هناك، حتّى تؤدّي آخر فلس".

 

 

 

 

أوّلاً قراءتي للنصّ

 

 

 أُعطيَ لنصّ إنجيل هذا اليوم عنوانان، الأوّل "علامات الأزمنة" (54-56)، وله نصّ موازٍ في متّى (16/ 2-3)؛ والثاني: "في المصالحة" (57-59)، وله نصّ موازٍ في متّى (5/ 25-26).

 

 

 

حول العنوان الأوّل

 

 يتوجّه يسوع إلى سامعيه بالملامة، لأنّهم يقرأون بسهولة علامات الطبيعة، "يعرفون أن يميّزوا وجه الأرض والسماء"، ولكنّهم لا يميّزون "هذا الزمان"، الذي فيه يتمّ الخلاص؛ ألا نرانا هنا أمام إشارة إلى ما يسمّى اليوم "بلاهوت التاريخ"، الذي يقول إنّ يد الربّ هي أكثر فعلاً من يد الإنسان في أحداث التاريخ، ومن يد كلٍّ منّا بالذات، في أحداث حياته الشخصيّة؟ فالإنسان المؤمن مدعوٌّ إلى تعلّم هذه اللّغة، وإلى التمكّن من قراءتها.

 

 

حول العنوان الثاني

 

في المصالحة، يعتبر يسوع أنّ للإنسان، وبالتالي لكلّ منّا، القدرة على الحكم بالحقّ، وعلى التصرّف بالعدل؛ لذلك، يتوجّه إلينا يالسؤال التالي: لماذا لا تحكمون بالحقّ من تلقاء أنفسكم؟ لماذا لا تلوذون بالحقّ، ولا تسلكون بالعدل ما دمتم في هذه الحياة، التي هي طريقكم إلى الدينونة في نهايتها؟ مع الإشارة إلى أنّ الحكم المتّخذ آنذاك، سيكون صارمًا، ومزيلاً لكلّ قدرة  لدينا على التفلّت منه ممّا يقضي به!

 

 

  الآيات (54-56) 

 

 

يتوجّه يسوع إلى الجموع، على مسمع من تلاميذه، في موضوع "علامات الأزمنة"، فيقول لهم: تميّزون جيّدًا وبسهولة علامات الطبيعة، وجه الأرض والسماء، فتتوقّعون صحيحًا، الأحداث التي تدلّ عليها، أمّا علامات الزمان، فكيف ولماذا لا تميّزونها؟ إنّكم مراؤون إذ يمكنكم أن تميّزوا أيضًا هذه العلامات لو كانت لكم النيّة الصالحة!

 

قد تعامل يسوع، ويتعامل مع البشر، بحسب نيّتهم، ويتميّز عنّا، في هذا المجال، بمعرفته للنّوايا الخفيّة، وبالتالي، باتّخاذ المواقف المتناسبة مع نوايا المتعاملين معه...؛ لقد أراد الربّ الخير لكلّ إنسان، ولكن، شرط أن يقترب هذا منه بنيّة صادقة وصافية.   

 

 

الآيات (57-59)

 

 

يتناول يسوع هنا، "واقع الخصومة" بين الناس، الواقع الذي يتكوّن بشتّى المواضيع العمليّة والمختصّة بعلاقات الناس المتبادلة، ومصالحهم الفرديّة والجماعيّة، والتي لا توافق فيما بينهم حولها؛ يدعو يسوع الجميع إلى الحكم، صراحة، بالحقّ؛ يدعو كلاًّ منّا إلى ذلك من تلقاء نفسه، دون محاولات إخفاء هذا الحقّ بالكلام الكاذب؛ وإذا ما تفاقم التخاصم والتنازع بين البعض إلى حدّ اللجوء إلى المحاكمة البشريّة، ففي هذه الحال، يدعو يسوع الجميع، وتلاميذه والمؤمنين به، إلى بذل أقصى الجهود لاستباق المحاكمة، باسترجاع الخصم والتفاهم معه حتّى إزالة الخصومة والاستغناء عن المحاكمة البشريّة، التي قد تأتي غير عادلة، وتقود دائمًا هذا أو ذاك من المتقاضين إلى أيدي السّجّان، إلى السجن، وإلى البقاء فيه حتّى إيفاء آخر فلس، أي حتّى تنفيذ الحكم الصادر بكامله؛ فإذا كان استرضاء الخصم البشريّ، مهما كلّف، أفضل من المحاكمة، فكم يكون استرضاء اللّه، خلال هذه الحياة ودروبها، أفضل بأضعاف المرّات من التعرّض لحكم اللّه الدّيّان!

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

 

الآية (54)

 

لا بدّ من التوبة التي تبدّل نظرتنا فنميّز العلامات الحاضرة.

 

 

الآية (56)

 

 

المرائي هو من لا يتوافق سلوكه الخارجيّ مع فكره العميق (متّى 10/ 7)؛ هو في النهاية، الفاسد والكافر.

 

هذا الزمان هو زمان يسوع؛ وهم يستطيعون أن يفهموه، لأنّ علاماته واضحة.

 

 

 الآية (57)

 

هنا حديث عن واجب المحبّة الأخويّة. نتصالح مع إخوتنا قبل أن تأتي الدينونة؛ إنّ علامات الأزمنة تدفعنا إلى اتّخاذ القرار اللّازم بدون تأخّر.

 

 

 

الأب توما مهنّا