الإثنين التاسع من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

 

إنجيل اليوم  (لو11 / 33-36)

 

 

 

33 "ما مِن أَحَدٍ يوقِدُ سِراجًا ويضَعُه في مَخْبَأ أَو تَحْتَ المِكْيال، بل على المَنارَة، لِيَستَضيءَ بِه الدَّاخِلون.

 

34 سِراجُ جَسَدِكَ هُو عَينُكَ. فإِذا كانَت عَينُكَ سَليمة، كانَ جَسدُكَ كُلُّه نَيّرًا. وأَمَّا إِذا كانَت مَريضة، فجَسَدُكَ كُلُّه يَكونُ مُظلِمًا.

 

35 فانظُرْ هلِ النُّورُ الَّذي فيكَ هو ظَلام.

36 فإِن جَسَدُكَ كُلُّه نيّرًا ولَيسَ فيهِ جانِبٌ مُظلِم، كانَ بِأَجمَعِه نَيِّرًا كَما لو أَنارَ لَكَ السِّراجُ بِضَوئِه".

 

 

 

أوّلاً قراءتي للنّصّ

 

 

 

 أُعطيَ لهذا النصّ عنوانان، العنوان الأوّل "نور السراج" (33)، وله نصوص موازية  في (متّى 5/15؛ مر 4/21؛ لو 8/16)، والعنوان الثاني "العين سراج الجسد" (34-36)، وله نصّ موازٍ (في متّى 6 /22-23).

 

 

 الآية (33)

 

 

الواقع المعقول يثبت بكّل وضوح أنّ مَن يشعل سراجًا في البيت، إنّما يشعله لكي يرى سكّان هذا البيت والداخلون إليه النور؛ لذلك، إنّه يشعله ويضعه على منارة، ولا يضعه في مكان آخر مخفيّ، ولا تحت مكيال، لأنّه إذا فعل هذا يتناقض مع ذاته؛ فإذا كان السراج المضاء رمزًا لكلمة الله، فيسوع المسيح، الآتي من عند الله الآب، والحامل إلينا كلمته الخلاصيّة، قد كان ذاته هذه الكلمة، وقد قام بالإعلان عنها طوال حياته الظاهرة، وطلب من رسله وتلاميذه والمؤمنين به أن يعلنوها وينادوا بها على مدى الأجيال، وفي أيّ مكان، إذ لجميع الناس الحقّ وعليهم الواجب أن يستنيروا بها، فلا يجوز، بالتالي، لمن لديه هذه الكلمة الخلاصيّة أن يخفيها، أو أن يضعها تحت مكيال، أي ألاّ يعيش بموجبها ويشهد لها قولاً وفعلاً.

 

 

الآيات (34-36)

 

 

كما السراج في البيت، هكذا العين في الجسد، أي في ما يحقـِّـقه ويصيره الإنسان؛ لكنّ السراج المضاء والموضوع حيث يجب، ينير بذاته، البيتَ، وهكذا يرى النورَ المقيمون فيه والداخلون إليه؛ أمّا "العين" التي هي السّراج المضاء في الإنسان، فقد تكون سليمة، بسيطة، فتنير عندئذٍ بذاتها، وتجعل الجسد، أي ما يحقـِّـقه ويصيره الإنسان، نيّرًا، وقد تكون سقيمة، شرّيرة، فلا تعطي نورًا بل تكون ظلامًا، ويبقى عندئذٍ الجسد، أو كلّ ما يحقـِّـقه الإنسان ويصيّره مظلمًا؛ من هكذا مصير مظلم ينبّهنا الربّ (35).

 

 

 

ويطرح السؤال ما هي "العين السليمة"؟

 

 

هي، بالمعنى الروحيّ، النظر إلى جميع الأمور على نور الإيمان والضمير المستقيم؛ وهي التصرّف بموجب هذه الرؤية.

 

 

    يجمع لوقا الآيتين (33، 34)، بينما يفصلهما متّى، فنرى عنده الآية (33) في (5/15)، والآية (34) في (6/22)؛ هدف لوقا من هذا الجمع التشديد على موضوع التوبة الذي أنهى به المقطع السابق (29-32).

 

 

  يدعونا يسوع، في لوقا، إلى التوبة. نقّ عينك، أي نيّتك، من كلّ ظلام، من كلّ ما يمنع العين أن ترى نور يسوع، وتؤمن به.

 

 

  الآية (34)

 

المقصود من سلامة العين وسقمها روحيّ، لا جسديّ؛ المطلوب نظرة إيمانيّة صحيحة، وصلة روحيّة بالله صافية، واهتمام بشريعة الله المقدّسة؛ كلّ ذلك ينعكس نورًا، لا ظلامًا، على حياة الإنسان؛ لا يرد النعت "سليمة" بمعنى "بسيطة"، إلاّ هنا (وفي لو 11/34)؛ أمّا الاسم "بساطة" فيكثر بولس من استعماله، مشدّدًا على سلامة القلب والنيّة في التعامل مع الله والناس (راجع 2 قور 11/3؛ أف 6/5؛ قول 3/22؛ راجع شرح متّى 6 /22-23).

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

 

العين تدلّ على الجسد كلّه؛ إذا كانت سليمة، بسيطة، لا تعقيد فيها، بل مفتوحة على الله وشريعته، يكون الإنسان كلّه في النور؛ أمّا إذا كانت مريضة، فتجعل نظرتنا إلى الأمور خاطئة؛ فكما القلب يدفعنا إلى اختيار كنوزنا، كذلك العين توجّه خطانا (راجع شرح متّى 6/22).

 

شرح عبارات وكلمات.

 

 

لا أحد يشعل سراجاً (33)

 

كلٌّ منّا بحاجة إلى "سراج" مضاء لنرى "الآية"، ونؤمن؛ لكن شرط أن لا نغمض عيوننا على الحقيقة.

 

 

 

العين (34)

 

العين تشبه السراج، لأنّها تتيح للإنسان أن يرى.

 

 تنبّه إذًا  (35)

 

 

خذ العبرة، واتّخذ الحيطة لئلاّ يكون العين - النور فيك ظلامًا! هي ظلمة اللّا إيمان، التي منعت "هذا الجيل" من التعرّف إلى الخلاص في يسوع المسيح (راجع لو 11 /29-32).

 

 

الأب توما مهنّا