الإثنين الأول بعد الدنح «الإنجيل

إنجيل اليوم (مر 1/ 1-8)

 

 

1 بَدءُ إنجيل يسوعَ المَسيحِ ابنِ الله.

 

2 جاءَ في كِتابِ النَّبِيِّ أشعيا: "هَا إنِّي أُرسِلُ ملاكي أمام وَجْهِكَ، وهُوَ يُمَهِّدُ طريقَكَ.

 

3 صَوتُ صارِخٍ في البرّيّةِ: أعِدُّوا طَرِيقَ الرّبّ، واجعَلُوا سُبُلَهُ قَوِيمَة".

 

4 تَمَّت هذه النُّبُوءَةُ يَومَ جَاءَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ في البَرِّيَّة ويَكرِزُ بِمَعمُوديَّة التَّوبَةِ لِمَغفِرَةِ الخَطَايَا.

 

5 وكانت كُلُّ بِلادِ اليَهودِيَّةِ، وجميعُ سُكَّانِ أُورَشَليم يَخرُجُونَ إليه، ويَعتَمِدونَ على يَدِهِ في نَهرِ الأُردُنّ، مُعتَرِفينَ بِخَطاياهُم.

 

6 وكان يُوحَنَّا يَلبَسُ ثَوبًا مِن وَبرِ الجِمالِ، ويَشُدُّ وَسَطَهُ بِحِزامٍ مِن جِلد، ويَقتاتُ مِن الجَرادِ وَعَسَلِ البَرارِي.

 

7 وكانَ يُنادي قائِلًا: "يَأتي بَعدي مَن هُوَ أقوى مِنِّي، مَن لا أستَحِقُّ أن أنحَنِيَ لأحُلَّ رِبَاطَ حِذائِهِ.

 

8 أنا أُعَمِّدُكُم بِالماء، أمَّا هُوَ فَيُعَمِّدُكُم بالرُّوحِ القدُس".

 

 

أوّلًا قراءتي للنصّ

 

أُعطيَ لنصّ إنجيل اليوم العنوان التالي "كرازة يوحنّا المعمدان"؛ له نصّ موازٍ في متّى (3: 1-6، 11-12)، وآخر في لوقا (3: 1-6، 15-18)؛ يتفرّد مرقس باستعمال فعل "أنحني" (7)، تعبيرًا عن سموّ شخصيّة يسوع في عين المعمدان، وبالقول إنّ يسوع يعمّد "بالرّوح القدس" (كما في يوحنَّا أيضًا 3: 33)، وهو العماد المسيحيّ، وليس "بالرّوح والنَّار"، كما في متّى ومرقس، وهو الحكم والدّينونة.

 

تجدر الإشارة إلى أنّ عنوان إنجيل مرقس، يعبّر عن إيمان الكنيسة الكامل بيسوع: إنّه المسيح ابن الله؛ وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنّ مرقس لا يعود يستعمل لفظة "المسيح" حتّى اعتراف بطرس (8: 29)، جاعلًا منها قفلًا أدبيًّا ولاهوتيًّا للقسم الأوّل من إنجيله، عن سرّ المسيح؛ أمّا في القسم الثاني، فيتكلّم مرقس على سرّ ابن الله.

 

يوحنّا المعمدان هو "الملاك" المُرسل أمام وجه الربّ، يمهّد طريقه، وفق ما جاء في نبوءة ملاخيا (3: 1)؛ وهو صوت صارخ في البرّيّة، وفق ما جاء في نبوءة أشعيا (40: 3).

 

 

ثانيًا "قراءة رعائيّة"

 

الآية (1)

نحن أمام بدء خلق جديد (تك 1: 1 ؛ يو 1: 1)؛ الإنجيل هو الخبر الطيّب الذي يحدّثنا عن خلاص، قدّمه الله لنا عبر حياة يسوع وموته وقيامته؛ يسوع (متّى 1: 21) هو الإسم البشريّ؛ المسيح (متّى 1: 16) هو الإسم الملوكيّ؛ وكلّ هذا ينتهي بلقب ابن الله؛ أعلن بطرس أنّ يسوع هو المسيح (8: 29)، وقائد المئة أنّه حقًّا ابن الله (15: 39).

 

الآيتان (2-3)

راجع (ملا 3: 1؛ أش 40: 3): طريق الربّ الإله في نبوءة ملاخيا صار هنا طريق المسيح، هذا ما يعني أنّ المسيح هو الإله الذي يعدّ له يوحنّا الطريق.

 

الآية (4)

يتمّ شرح هذه الآية بإبراز النقاط التالية.

 

جاء يوحنّا يعمّد في البرّيّة

لا نجد خبر الطفولة عند مرقس (ويوحنَّا أيضًا)، بل كلّ شيء يبدأ لديهما، برسالة يوحنّا المعمدان، الذي ظهر في البرّيّة، في منطقة تقع قرب البحر الميت، بلباس إيليّا وسائر الأنبياء (2 مل 1: 8؛ زك 13: 4)، وبطعام العائشين في البرّيّة (متّى 3: 4)، وأخذ يعمّد.

 

 

يكرز بمعموديّة التوبة

إنّه يقف في خطّ الأنبياء الذين نادوا بالتَّوبَة (هو 3: 4-5)؛ هي موقف صادق من قبل الخاطئ، يعبّر به عن تجاوبه مع نداء الله، ويعبّر عنه بفعل ظاهر (الاعتراف والاغتسال)، ويتحضّر هكذا للتحوّل من الخطيئة إلى البرّ الذي هو بفعل الله وعطيّة منه خلاصيّة.

 

 

الآية (8)

هنا يبرز الفرق بين معموديّة الماء وبين معموديّة المسيح، معموديّة الرّوح؛ لا يذكر مرقس النّار، كما فعل متّى (3: 11) ولوقا (3: 16)؛ ما يبرزه مرقس هنا، إنّما هو الخلاص الذي دشّنَه يسوع تطهيرًا مِن الخطايا وتقديسًا؛ وهكذا بدا التّعليم في الآيات (1-8) دعوةً إلى التوبة وتبديل الحياة وانفتاحًا على ذلك الآتي الذي يُهيّئ له يوحنّا الطريق.

 

 

الأب توما مهنّا