الأربعاء الخامس من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

 

إنجيل اليوم  (متّى 10 /21ـ 26)

 

 

21 قال الرّبّ يسوع:" سيُسلِم الأخ أخاه إلى الموت، والأب ابنه، ويتمرّد الأولاد على والديهم، ويقتلونكم .

 

22 ويبغضكم جميع الناس من أجل اسمي. ومن يصبر إلى المنتهى يخلص.

 

23 وإذا اضطهدوكم في هذه المدينة، اهربوا إلى غيرها. فالحقّ أقول لكم: لن تبلغوا آخر مدن إسرائيل حتّى يأتي إبن الإنسان.

 

 

24 ليس تلميذ أفضل من معلّمه، ولا عبد من سيّده .

 

25 حسب التلميذ أن يصير مثل معلّمه، والعبد مثل سيّده. فإن كان سيّد البيت قد سمّوه بعل زبول، فكم بالأحرى أهل بيته ؟

 

26 فلا تخافوا! لأنّه ما من محجوب إلاّ سيكشف، وما من خفيٍّ إلاّ سيعرف".

 

 

أولاً  قراءتي للنصّ

 

 ينبىء يسوع رسله بالإضطهاد الذي سيلاقونه أثناء تبشيرهم  برسالته الخلاصيّة؛ هنا إشارة إلى بعض أشكال هذا الاضطهاد، خيانة متبادلة بين أفراد العائلة الواحدة، الأخ يوشي بأخيه ويسلّمه، والأب بابنه، والإبن بأبيه، يتمرّد الأبناء على آبائهم، ويقتلونهم؛ بُغضُ جميع الناس للرسل من أجل اسم يسوع .

 

 

يدعو يسوع رسله إلى توقّع ذلك وعدم الاستغراب لدى وقوعه، بناءً على المبدأ القائل:"ليس تلميذ أفضل من معلّمه، ولا عبد من سيّده" (24)، فكما عومل يسوع، وهو المعلّم والسيّد، فسوف يعاملون، هم رسله، بالمعاملة نفسها؛ وهذا ما حدث فعلاً في الكنيسة الناشئة  وعلى مدى أكثر من ثلاثة قرون.

 

 

واجهة الرسل للإضطهاد، فيسوع يحثّهم على مواصلة الرسالة بعناد، وهذا ما يدفعهم إلى الهرب والإنتقال من مدينة إلى أخرى، ومن مكان إلى آخر، عندما  تواجه رسالتهم بالرّفض والإضطهاد؛ وما سلاحهم في فترة الإضطهاد هذا إلاّ الصبر، وإلى المنتهى .

 

 

 

واليوم، نقول إنّ ظاهرة الاضطهاد لا تزال قائمة في الكنيسة، وصادرة منها وضدّها في غالب الأحيان، وفي العديد من المؤسسات الاجتماعيّة التابعة لها. إذ قد انتفت في العديد من هذه المؤسَّسات الشهادة للمسيح وللملكوت. فلا يزال يتعرّض كلّ مؤمن بالمسيح، وبخاصة كلّ متكرّس له، في أيِّ من الحالات الكنسيّة، لكثير من الإغراءات الدنيويّة، المتحالفة مع قوى الشرّ في العالم؛ إنّها تضعف قناعاته، وتُهبط من عزائمه، وتحمّله على التخلّي، شيئًا فشيئًا، عن متطلّبات إيمانه الحيّ بيسوع ودعوته الخاصّة المسؤولة.

 

 

 يخرق صوت الربّ أعماق رسله، والمؤمنين به الأمينين، على مدر الأجيال ، قائلاً: لا تخافوا، بل قاوموا، واثبتوا على الخير، واصبروا على الإتهامات، وعلى الحرمان الزمنيّ، "لأنّه ما من محجوب إلاّ سيُكشف، وما من خفيّ إلاّ سيُعرف" (26) .

 

 

 

ثانيًا "قراءة رعائّية"

 

 

 

 الآيتان (21ـ 22) 

 

هي الملاحقة القضائيّة، والداسّون هم الأهل والأقارب الذين يسلّمون المؤمن والرسول "إلى الموت"؛ كلّ هذا من أجل "اسم" يسوع؛ فلا يبقى للمؤمنين المسيحييّن إلاّ الثبات والصبر وتحمّل الإضطهاد.

 

 

 الآية (23) 

 

 

بسبب الإضطهاد، سيهرب الرسل ويتوزّعون على المدن، وهكذا ينتشر بانتشارهم الإيمان بسرعة أكبر،  كما حدث على إثر موت إسطفانوس، إذ امتدت البشارة إلى السامرة (رسل 8/1) ، وبعدها إلى إنطاكيّة (رسل 11/19)؛ أمّا مجيء ابن الإنسان فيتمّ في نهاية الأزمنة؛ ولكن سقوط أورشليم سنة 70 ب.م (راجع متّى 24/15)، فقد كان صورة عن هذه النهاية؛ وفي أيّ حال، لن تتوقّف الرسالة، بل ستظلّ في امتداد حتّى النهاية (روم 11/11ـ 24).

 

 

الآيتان (24ـ 25) 

 

 

 

لا ينتظر التلاميذ مصيرًا مختلفًا عن مصير معلّمهم المصلوب؛ هنا تشديد على المسيح المتالّم أكثر منه على المسيح الممجّد؛ يقابل  التلميذ مع يسوع المعلّم، ويقابل الخادم او العبد (بولس هو عبد يسوع المسيح )، مع يسوع السيّد أو الربّ (كيريوس) وضع المعلّم والسيّد أو الربّ هو وضع التلميذ؛ فإذا سمّوا يسوع بعل زبول، رئيس الشياطين معتبرين قدرته من الشيطان، لا من الله، هكذا سيسمّون التلاميذ ، ويجعلون منهم خدّامًا للسّياسة والمال والسلطة، لكي يرفضوا الإنجيل الذي يقدّمونه إليهم.

 

الأب توما مهنّا