الأحد التاسع من زمن العنصرة «الإنجيل

 

 

إنجيل لوقا (4/ 14 -21)

 

 

برنامج الرَّسول

 

 

عَادَ يَسُوعُ بِقُوَّةِ الرُّوحِ إِلى الجَلِيل، وذَاعَ خَبَرُهُ في كُلِّ الجِوَار.

 

وكانَ يُعَلِّمُ في مَجَامِعِهِم، والجَمِيعُ يُمَجِّدُونَهُ.

 

وجَاءَ يَسُوعُ إِلى النَّاصِرَة، حَيْثُ نَشَأ، ودَخَلَ إِلى المَجْمَعِ كَعَادَتِهِ يَوْمَ السَّبْت، وقَامَ لِيَقْرَأ.

 

وَدُفِعَ إِلَيهِ كِتَابُ النَّبِيِّ آشَعْيا. وفَتَحَ يَسُوعُ الكِتَاب، فَوَجَدَ المَوْضِعَ المَكْتُوبَ فِيه:

 

«رُوحُ الرَّبِّ علَيَّ، ولِهذَا مَسَحَني لأُبَشِّرَ المَسَاكِين، وأَرْسَلَنِي لأُنَادِيَ بِإِطْلاقِ الأَسْرَى وعَوْدَةِ البَصَرِ إِلى العُمْيَان، وأُطْلِقَ المَقْهُورِينَ أَحرَارًا، وأُنَادِيَ بِسَنَةٍ مَقْبُولَةٍ لَدَى الرَّبّ».

 

ثُمَّ طَوَى الكِتَاب، وأَعَادَهُ إِلى الخَادِم، وَجَلَس. وكَانَتْ عُيُونُ جَمِيعِ الَّذِينَ في المَجْمَعِ شَاخِصَةً إِلَيْه.

 

فبَدَأَ يَقُولُ لَهُم: «أَليَوْمَ تَمَّتْ هذِهِ الكِتَابَةُ الَّتي تُلِيَتْ على مَسَامِعِكُم».

 

 

 

 

تأمل: (لمزيد من الإستنارة الروحيّة قراءته بتمهّل طوال الأسبوع).

 

 

 

يورد لنا كلٌّ من الإنجيليِّين الأربعة بأنَّ يسوع قضى القسم الأوَّل من رسالته العلنيَّة في الجليل وهذا ما يتجلّى لدى الإنجيليّ لوقا عندما دخل يسوع المجمع وأعلن عن برنامجه الرَّسوليّ في مجمع الناصرة.

 

يفتتح القدّيس لوقا إنجيله إنطلاقـًا من برنامج يسوع الذي شرع أوَّلاً بتحقيقه في مجمع الناصرة ليُشير إلى الذبيحة الحقيقيّة، يسوع المسيح، ويختتم إنجيله بآخر تعليم ليسوع في هيكل أورشليم قبل آلامه وموته وقيامته.

 

أخذ يسوع يبشِّر يوم السبت في مجمع الناصرة كما صنع الرَّسول بولس فيما بعد: "أمَّا هما فغادرا برجة وسارا حتى وصلا إلى أنطاكية بسيديّة. ودخلا المجمع يوم السبت" (أع 13 /14).

 

كانت خطّة يسوع بحسب القدِّيس لوقا أن يبشّر أوَّلاً أهله ويثـبّت فيما بعد هذه الخطّة الرَّسوليَّة إلى أن يصل به الأمر إلى الصَّلب والموت والقيامة. كان نص النبيّ أشعيا الذي قرأه يسوع في هذا السبت ملّخصًا وبرنامجًا كاملاً لرسالته الخلاصيّة. وذلك  دليل ساطع على أنّ الإنجيل يستند إلى مواعيد العهد القديم حيث حدّد يسوع رسالته الإلهيّة إنطلاقـًا من قول النبيّ أشعيا الذي أتمّه اليوم: "قومي استنيري فإنّ نورك قد وافى ومجد الرَّبِّ أشرق عليك" (أش 60 /1).

 

إنّ هذا البرنامج الخلاصيّ الذي يُعلنه يسوع اليوم يطال جميع الشّعوب يهودًا كانوا أم وثنيِّين. فالرُّوح القدس الذي حلّ عليه أثناء عماده وكان إلى جانبه وقت التجربة في البريَّة وثـبَّـته في الأمانة لأبيه في بستان الزَّيتون هو نفسه دفعه إلى الرِّسالة والتبشير بملكوت الله في جميع مجامع الجليل. فلكي يحقـِّـق المسيح هذا البرنامج الخلاصيّ، كان الرّوح القدس الضّامن الذي مسح به الله الآب يسوع وقدّسه. لقد نال يسوع إذًا الرّوح القدس على مثال الأنبياء في إعلانه البُشرى للمساكين وتوفير الحريّة والنّور للبؤساء.

 

 لقد جاء يسوع في خطّ الأنبياء نفسه، لكنّه لم يكن نبيًّا كسائر الأنبياء، فلقد نال مسحة الرُّوح القدس كاملة وبهذه المسحة افتتح زمن النعمة ودشّن عهد الخلاص. لذلك يختصر كلٌّ من الإنجيليِّين الأربعة حياة يسوع العلنيّة في أمرين: التعليم والشِّفاء. فبين التعليم والعمل كان يسوع يقضي كلَّ حياته العلنيّة إلى أن وصل إلى الصَّلب والموت والقيامة حيث أضحت القيامة بالنسبة إلى كلِّ مسيحيّ أسمى تعليم ليسوع إذ فتح من خلالها الزَّمن على الأبديّة وحرّرنا من سُلطان الشرّ والخطيئة والموت.

 

دخل يسوع المجمع يوم السبت وأعلن السّنة المقبولة لدى الرَّبّ التي كانت تتكرّر كلَّ خمسين سنة والمنصوص عنها في سفر الأحبار. كانت تتضمَّن سنة اليوبيل التي أعلنها يسوع إعتاق العبيد وفك الأملاك والنذور والإعفاء من الدّيون وإراحة الأرض وهذا ما نقرأه في سفر الأحبار: "وقدّسوا سنة الخمسين ونادوا بإعتاقٍ لجميع أهلها، فتكون لكم يوبيلاً، فترجعوا كلّ واحدٍ إلى مُلكه وتعودوا كلُّ واحد إلى عشيرته. سنة الخمسين تكون لكم يوبيلاً فلا تزرعوا فيها ولا تحصدوا خلفة زرعكم ولا تقطفوا ثمر كرمكم غير المقضوب. إنّها يوبيل فتكون لكم مقدّسة، ومن غلال الحقول تأكلون" (أح 10/25-13). 

 

إلاّ أنَّ الشّعب اليهوديّ لم يكن يتقيّد بهذه الفريضة التي نصّت عليها الشَّريعة إلاّ نادرًا. لقد بشَّر المسيح يسوع طيلة حياته المساكين وشفى المرضى وأخرج الشّياطين بروح الله، قائلاً للفريسيِّين: "إذا كنتُ أنا بروح الله أخرج الشّياطين، فقد اقترب منكم ملكوت الله" (متى 12 /28). جاء يسوع إلى مجمع الناصرة وذهب كما اعتاد أن يفعل كلّ يوم سبت وفي هذا المجال أشار لوقا الإنجيليّ على أنَّ يسوع كان أمينًا للممارسة اليهوديّة في عصره.

 

لقد أُرسل يسوع من أجل رسالة خلاصيّة تحمل البُشرى إلى جميع الفقراء والمظلومين الذي ينؤون تحت أثقال الشّقاء والظلم وجور الخطيئة فأعلن لجميع هؤلاء ولا سيّما للأشدّ فقرًا "سنة الرَّضى" التي تحمل عهدًا جديدًا.

 

جاء يسوع محقـِّـقـًا بدوره ما تكلّم عنه النبيّ أشعيا، إذ انتزع مضمون هذا النصّ من الماضي ونقله إلى الحاضر بحيث تمّت الكتب اليوم بحضوره وبشخصه. لقد أتى يفسّر الكتب المقدّسة، لكنّه قلب بسلطانه التعليم التقليديّ وأعطى لهذه الكتب معنىً جديدًا: "لقد قيل لكم... أمَّا أنا فأقول"، هناك إذاً تواصل وتقاطع.

 

ففي هذا التّعليم الجديد يضحي يسوع الهيكل نفسه والكاهن والذبيحة، والكتب المقدَّسة والشَّريعة تتلخّص في كلمته التي أوصلها إلى كمالها، في كلِّ هذه الأمور يصبح يسوع متمّمًا لكلِّ النبؤات والكتب المقدَّسة.

 

فعلى هدي الرُّوح القدس تعي اليوم الكنيسة دورها الرَّسوليّ والتعليميّ والعمليّ إذ تقوم بما قام به يسوع وفق البرنامج المحدّد لها لتكون صوت الحقّ المدوّي في بريَّة هذا العالم.

 

"الرِّسالة والمسؤوليّة ومكانة الكتاب المقدّس في حياتنا" إنّ الإلتزام بالرِّسالة وبنقل البُشرى هما من جوهر الحياة المسيحيّة التي نعيشها اليوم. لذلك تسعى الرُّوحانيَّة المسيحيَّة في عمقها إلى نشر حقيقة ما أعلنه يسوع في مجمع الناصرة إذ قد تحمّل الصَّلب والموت دون أن يتراجع عن مواقفه وهذا ما أصبحنا بحاجة ماسّة إلى أن نعيشه نحن أيضًا في وطننا وعلى جميع الأصعدة.

 

 فمثلما نال يسوع مسحة الرُّوح القدس من لدن الآب، هكذا نال كلُّ واحدٍ منّا هذه المسحة وأصبح رسولاً بواسطة الميرون المقدّس عند قبوله سرّي المعموديّة والتثبيت. ولأنَّنا قد نلنا الرُّوح القدس، فنحن نستطيع أن نذهب إلى صحراء هذا العالم بقوَّة هذا الرُّوح عينه الذي يعمل فينا كونه الضمانة لكلِّ ما نقوم به من شهادة خاصّة في الأمكنة التي تنعدم فيها الحياة الأخلاقـيّة والمسيحيّة.

 

يقول لنا المجمع الفاتيكانيّ الثاني في هذا الصدّد: "إنّ رسالة العلمانيِّين لاشتراكٌ في رسالة الكنيسة الخلاصيّة بالذات. فالرَّب عينه انتدبهم كلّهم إلى هذه الرّسالة بالعماد والتثبيت. فبالأسرار لا سيَّما الإفخارستيّا المقدّسة تمنح وتتغذى هذه المحبّة لله وللانسان، تلك المحبّة هي روح كلّ رسالة. والعلمانيون هم مدعوّون بصورةٍ خاصَّة إلى أن يجعلوا الكنيسة حاضرة وفعّالة في تلك الأماكن والظروف التي لا يمكنها إلاّ بواستطهم أن تكون ملح الأرض. إذًا على كلِّ العلمانيِّين يقع العبء الشريف في العمل المستمرّ على أن يصير التدبير الإلهيّ للخلاص إلى كلِّ الناس في كلِّ زمان ومكان يوماً بعد يوم" (دستور عقائديّ في الكنيسة).

 

إنّ قدوم يسوع إلى ناصرة الجليل ودخوله المجمع كما اعتاد أن يفعل كلّ يوم سبت، يدعونا إلى أن ندرك بأنّ يسوع كان أمينًا للممارسة اليهوديّة في عصره وحفظ الشّريعة وهذا ما نحن مدعوُّون إلى أن نعيشه اليوم. فالحياة المسيحيّة الحقـَّة لا تقوم إلاّ على الإيمان والممارسة والإلتزام والثبات أمام التحديّات الصعبة، في الوقت الذي فيه أضحت الحياة الرّوحيّة معرّضة جدًا لشتّى الإهتمامات الدنيويّة، وإنّما يبقى المطلوب واحدًا أمام كلّ هذه التحديات التي تطرأ على مجتمعنا.

 

فكم من المسيحيِّين اليوم الذين لا يلتزمون ولا يمارسون واجبات حياتهم المسيحيّة ولا يترددّون إلى الكنيسة إلاّ في المناسبات. لذلك فعندما تدعو الكنيسة المؤمنين إلى الإمتناع عن العمل في يوم الرّبّ، هي تريد أن تذكر كلّ مؤمن بهذا البُعد الإلهيّ ألّا وهو أن الله هو مصدر كلّ حياة.

 

لذلك فالحياة المسيحيّة الحقيقيّة لا تنمو إلاّ على تربة الإيمان والإلتزام والممارسة والمعرفة وليس بالمناسبات الإجتماعيّة فحسب، بل بالمعرفة الحقيقيّة للكتب المقدّسة وممارسة الأسرار وخاصَّة الإفخارستيا.

 

إنّ قراءة الكتب المقدَّسة بصمت وتأمّل تقودنا دومًا إلى معرفة حقيقية لله، وخاصّة عندما تُتلى على مسامعنا أثناء القدّاس الإلهيّ وفي هذا المجال، تقول الأخت ماريا فوستينا: "كي نسمع صوت الله علينا أن نحافظ على سكون نفوسنا ونصمت". لنصغِ إذًا إلى الله الذي يكلّمنا دومًا في معترك حياتنا اليوميّة من خلال كلمته الحيّة المتجّذرة في الكتب المقدّسة.

 

فكلام الله عندما يُتلى علينا يخترق كثافة ثرثرتنا والضّجيج الذي يعصف في نفوسنا ويدخل إلى المكان الصّامت في قلوبنا، كما أنّ الصّمت يفتح فينا تلك الواحة حيث يمكننا أن نسمع كلام الله الذي هو الدواء الناجع لنفوسنا وكلّ ما  يطرأ علينا من محن وتجارب وضياع إذ يردّد علينا القدِّيس أغسطينوس في هذا الصدّد قائلاً: "لكلِّ داء في النفس دواء من الكتاب المقدّس".

 

فالإنسان هو بطبعه كائن علائقيّ  له بُعدٌ إلهيّ لا يمكنه أن ينفصل عنه إذ يعطي معنى لحياة كلِّ إنسان. لقد سعت التيارات الفلسفيّة الملحدة عبر التاريخ إلى أن تفصل الإنسان عن هذا البُعد الذي يستمد منه معنى لجوده لكن بدون جدوى وهذا ما زال يحدث في العالم الذي نعيش فيه اليوم.

 

 لذلك غالبًا ما نشهد في الكثير من الدُّول النامية التي حوّلت هذا الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله إلى آلة وسلعة فاستثمرت كلّ طاقاته وأوقاته وحوّلت أنظاره وتفكيره بتكثير إنشغالاته عن هذا البُعد الإلهيّ. فعندما يفقد الإنسان هذا البعد الإلهيّ الذي يرتبط من خلاله بالله الخالق يفقد كلّ شيء ويفقد معنى حياته. لذلك عندما يبتعد الإنسان عن الله بالتدرّج يصل إلى العبثـيّة أي إلى اللاشيء وهذا ما يقود غالبًا الإنسان إلى الشّعور باليأس والإحباط الذي ينتج طبعًا عن فقدان معنى وجوهر الحياة.

 

إنّ هذا اليأس غالبًا ما يؤدّي إلى الإنتحار لعدم اكتشاف إيجاد معنى لوجود الإنسان، إذ يشعر أنّ وجوده لم يعد له معنى فيُقدم على الإنتحار الذي هو النتيجة الحتميّة لهذا الإحساس بالفراغ القتّال. هذا ما قد عبّر عنه الفيلسوف الفرنسيّ الملحد جان بول سارتر: "أنت مخلوق إضافي من الكماليات ولا يحتاج إليك أحد". إلاّ إن الكتاب المقدّس يدعونا إلى أن نكتشف معنى لحياتنا.

 

لقد خلقنا الله لا لنكون عبيدًا بل خلقنا لكي يشركنا في حبّه الإلهيّ، فلا معنى لحياتنا سوى هذه المشاركة في حبِّ الله. تدعونا الحياة المسيحيّة بأن نلتزم حمل عبء الحقيقة مهما كانت التحديّات كبيرة بدون أيّ تردّد لأنَّ هناك ضمانة أكيدة ألا وهو الرّوح القدس، وحمل هذه الحقيقة غالبًا ما يقودنا إلى الألم. لكن بهذا الثبات في هذه المواقف يتجلّى جوهر إيماننا المسيحيّ.

 

فما يميز هوّيتنا الإنجيليّة والمسيحيّة هو مدى صبرنا على الألم وتحمّلنا لمسؤوليتنا دون أيّ تردّد. فالإنسان المؤمن هو من استطاع أن يكون مسؤولاً على أكمل وجه مهما عظمت المصاعب والتحديّات. لذلك عندما نلتزم بعيش حياتنا المسيحيّة يجب أن نطرح السؤال الكبير على ذواتنا: هل سنبقى أمينين لإلتزامنا لأنّ ذلك واجب علينا أم لأنّنا نريد ذلك حقاً؟ لذا يذكّرنا القدّيس بطرس قائلاً: "فخيرٌ لكم أن تتألّموا وأنتم تعملون الخير، إن شاء الله ذلك، من أن تتألّموا وأنتم تعملون الشرّ" (1بطر 17/3).

 

فمن خلال كلِّ ما تقدّم نحن مدعوُّون اليوم إلى أن ندرك بأنَّ الحياة المسيحيَّة هي دعوة إلى الإيمان والإلتزام والممارسة والثبات عبر كلّ التقلّبات التي تطرأ على مُجمل حياتنا. فبقدر ما نمارسها تضحي لنا سهلة وبقدر ما تضحي لنا سهلة نستطيع أن نعيشها بدون أن تكون عبئًا علينا وهذا ما يعمله الرّوح في  نفوسنا.

 

ولكي نكون رسلاً، نحن مدعوُّون دومًا إلى تصفّح الكتب المقدّسة التي فرض يسوع ذاته على الكتبة والفريسيِّين من خلالها التي تحرّرنا من كلّ سموم الخطيئة والإنحرافات الخطرة وتساعدنا على أن  نروحن كلّ طاقاتنا وتقودنا إلى الحكمة الإلهيّة واكتشاف أسرار الحياة وتوّفر علينا الجهد المضني. وهذا ما فعلته القدِّيسة تريزيا الطفل يسوع طيلة حياتها وقد استشهدت من خلال كتابتها بالكتاب ألف ومئة مرّة وطالما ردّد القدّيس بولس إلى تلميذه تيموتاوس: "فأنت تعلم الكتب المقدّسة منذ نعومة أظافرك، فهي قادرة على أن تجعلك حكيماً فتبلغ الخلاص بالإيمان الذي في المسيح يسوع" (2طيم 15/3).

 

 

أسئلة للتأمل والتفكير:

1- ماذا يعني لنا اليوم هذا القول: "ودخل يسوع إلى المجمع كعادته يوم السبت"؟ هل ندرك بأنّ الحياة المسيحيّة هي حياة إيمان وإلتزام وممارسة يوميّة؟ وإنّه بقدر ما نلتزم بها ونمارسها تضحي لنا سهلة وبقدر ما تضحي لنا سهلة عندها نستطيع أن نعيشها دون أن تكون عبئًا علينا، وهذا من عمل الرّوح الذي يعمل دومًا فينا؟

 

2- هل ندرك بأنّه عندما مُسحنا بالميرون المقدّس مُسحنا بالرّوح القدس وأصبحنا رسلاً؟ هل نشجّع دومًا أولادنا للذهاب إلى الكنيسة ونحضّهم على خدمة الذبيحة الإلهيّة وعلى وقراءة الرّسائل دون أي خجل أو خوف أو تردّد، لكي يعوا مسؤولياتهم المسيحيّة كما مارس يسوع مسؤوليته في الهيكل؟

 

3- كيف نفهم رسالتنا؟ هل ندرك بأنّنا لا نستطيع أن نصير رسلاً إلاّ من خلال تجذّرنا بإيماننا ومعرفتنا للكتب المقدّسة؟ هل نقرأ دائمًا الكتاب المقدّس؟ هل نقرأه كخبر نعرفه أم كحدث حصل في الماضي ولا يمتّ إلى حياتنا بأيّة صلة؟ أم نقرأه ككلمةٍ حيّةٍ تنير طريقنا وتوجّه حياتنا في كلِّ ما نعيشه اليوم؟

 

 

صلاة: نصلّي إليك أيُّها الحبّ الأزليّ غير المُدرك يا من مُسحت من لدن الآب السّماوي لتبشّرنا نحن الفقراء القابعين في مشاعر الخوف والعدوانيّة وفي وسط تصرّفاتنا الغريبة عن إيماننا التي تصدر عن داخلنا دون أن ندرك ماهيّة أسبابها. أطلق سراحنا من تحت نير العبوديّة والتردّد وأوهام الخطيئة وحرّر حياتنا من آفة الشرور وكثرة الإنشغالات الدنيويّة ومن وطأة الصّراعات الكثيرة التي غالبًا ما تشرذم وحدة كياننا وضمائرنا. أقشع ظلمة الإدّعاء عن بصيرتنا لتكون دومًا شاخصة إلى حقيقة إنجيلك التي تقودنا إلى اختبار سرّ خلاصك. اجعلنا نتمرّس دائمًا على متطلّبات حياتنا المسيحيّة دون أن نشعر بأنّها ثقيلة علينا. لكَ المجد إلى الأبد. آمين.

 

 

الأب نبيل حبشي ر.م.م